خلال الحرب العالمية الأولى عام 1914 أقدم الاحتلال البريطاني على واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ مصر الحديث، إذ قام باختطاف نصف مليون فلاح من الصعيد، وكان هذا التشكيل هو الفيلق المصري.
بين عامي 1914 و1917 تجاوز عدد عمال الفيلق 327 ألف شخص، وفي عام 1918 ارتفع العدد إلى نصف مليون شخص، وهو عدد هائل بالنظر إلى أن تعداد سكان مصر انذاك كان 12 مليون نسمة، وهذا يوضح مدى الكارثة التي حلت بالمجتمع المصري.
في البداية حاولت بريطانيا استقطاب الفلاحين طوعا مقابل أجر يومي يتراوح بين 5 و6 قروش، لكن مع فشل تلك المحاولات لجأت إلى العنف والاختطاف من الأسواق والمساجد والكنائس وحتى من الشوارع، حيث كان يتم تقييد الرجال بالحبال والسلاسل وسط صرخات وعويل ذويهم.
وقد توزعت وجهات الفيلق بين بلاد الشام والعراق وأوروبا، حيث تشير التقديرات إلى أن آلاف العمال أرسلوا إلى فرنسا وبلجيكا واليونان، فيما استخدم آخرون في جبهات أخرى لدعم المجهود الحربي البريطاني.
أما مصير هؤلاء العمال فقد ظل غامضا، غير أن التقديرات التاريخية تشير إلى وفاة ما بين 50 ألفا و100 ألف منهم خلال سنوات الحرب. وتعد تجربة الفيلق المصري واحدة من أبرز الأمثلة على الاستغلال الاستعماري للفئات الأفقر في المجتمع المصري، خاصة في صعيد مصر.